العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك درا إ اد د. ا ا أ الا ستاذ المساعد بقسم الدراسات الا سلا

Bản ghi

1 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك درا إ اد د. ا ا أ الا ستاذ المساعد بقسم الدراسات الا سلامية كلية التربية والا داب جامعة الحدود الش لية Dr. Abdelkhalek Mohamed Abdelkhalek Ahmed Dept. of Islamic Studies Faculty of Arts and Education, Northern Border University موجز عن البحث يهدف هذا البحث إلى بيان مدى نفوذ حكم الحاكم القاضي- ظاهرا وباطن في ما وافق أو خالف ظاهره باطنه في الا موال والعقود والنكاح والطلاق والفسوخ من الناحية الفقهية والا ثر المترتب على ذلك بالا ضافة إلى بيان مدى نفوذ حكمه ظاهرا وباطنا حال اختلاف مذهبه عن مذهب المحكوم له وترجع أهمية هذا الموضوع إلى أن ه يتعلق بجانب مهم وهو أحكام القضاء وبيان مدى تا ثيرها في الظاهر والباطن وذلك من خلال بيان أقوال الفقهاء وأدلتهم في المساي ل محل البحث متبع في ذلك المنهجين الاستقراي ي والوصفي التحليلي لاستقراء أقوال الفقهاء وأدلتهم وتحليلها ومناقشتها وبيان القول الراجح منها وقد توصل هذا البحث إلى أن ه لا ١٤٨٨

2 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية خلاف بينهم في نفوذ حكم الحاكم في ما وافق ظاهره باطنه في الظاهر والباطن وأن ه إذا حكم بحكم مذهبه في ما وافق ظاهره باطنه وكان ذلك في محل مختلف فيه فا ن ه ينفذ ظاهرا وباطن مطلق وأن حكمه في الا موال بناء على بينة مزو رة في ما خالف ظاهره باطنه ينفذ في الظاهر فقط دون الباطن إجماع وكذا في العقود والنكاح والطلاق والفسوخ عند الجمهور خلاف لا بي حنيفة ومن وافقه في ذلك. الكلمات المفتاحية : حكم الحاكم الظاهر الباطن نفوذ العقود النكاح الطلاق. Abstract The purpose of this research is to show the extent to which the ruling of a Judge, whether this ruling is implicit or explicit (whether the explicit essence of the ruling contradicts or agrees with its implicit one), is effective jurisprudentially concerning money, contracts, marriage, and divorce. The research studies the consequences of such a ruling. The research also aims to identify the extent to which the ruling is effective, explicitly or implicitly, if the judge's school of Sharia is different from the school of the person receiving the ruling. This topic is important because it is related to court rulings. This research also identifies the influence of court rulings, whether explicitly or implicitly, by studying the sayings and evidence of jurists on the issues in question. The research uses inductive and descriptive analytical methods. It aims to extrapolate the sayings and evidence of jurists, analyze and discuss these sayings, and conclude the correct sayings. This research has concluded that there is no difference between the views of jurists concerning the effectiveness of a judge's ruling when the explicit essence of the ruling agrees with its implicit one, explicitly or implicitly. If a judge gives a ruling that its explicit essence agrees with is implicit one, and this ruling was controversial; this ruling is effective implicitly and explicitly. If a judge gives a ruling concerning money cases based on false evidence (i.e. when the explicit essence of the ruling contradicts its implicit one), the ruling is unanimously effective explicitly only. The same conclusion is applied when a judge gives a ruling on contracts, marriage, and divorce (and divorce law cases for the majority of jurists). This view is unlike Abu Hanifa's views and the views of people who agree with him. Key words: 1. Judge's ruling 2. Apparent 3. Covert 4. Execution 5. Contracts 6. Matrimony 7. Divorce ١٤٨٩

3 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع مقدمة الحمد الله والصلاة والسلام على رسول االله صلى االله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه... وبعد فا ن من نعم االله على عباده أن شرع لهم -على الكفاية- القيام بالقضاء للفصل بين الخصوم وإحقاق الحق وإيصاله إلى أصحابه ورفع الظلم عن المظلومين وقد فصل الفقهاء في كتبهم عبر العصور والا زمنة أحكام القضاء تفصيلا وبينوا وساي له وطرقه وسبل تنفيذ أحكامه حتى باتت أحكام هذا الباب جلي ة واضحة لكل من طالع كتب الفقه وغيرها من الكتب ذات الصلة بالموضوع ولقد كان من جملة المساي ل التي تناولها الفقهاء في كتبهم مسا لة نفوذ حكم الحاكم القاضي- ورفعه للخلاف في الظاهر أي في ما بين المحكوم له وبين الناس وفي الباطن أي في ما بينه وبين االله تعالى- وهي مسا لة شاي كة تحتاج إلى دراسة وتوضيح وتحليل وتدقيق خاصة في ظل غياب الوازع الديني لدى الكثيرين الذين يتخذون من أحكام القضاء وسيلة لتحقيق أطماعهم واستقطاع حقوق ليست لهم من المال العام أو الخاص أو لغرض في نفوسهم كالنكاح أو الطلاق أو الفسخ للبيع أو الظفر بما ليس لهم في بيع أو شراء معتمدين في ذلك على الا دلة والبراهين التي ظاهرها العدالة والصدق وباطنها الكذب ونظرا لا همية هذا الموضوع رأيت أن أكتب فيه مستمدا من االله تعالى العون في ذلك فجاء هذا البحث بعنوان : نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهي ة لا يضاح مشكله وجمع شتات مساي له والكشف عن حقيقته وبيان أحكامه لا يقاظ ضمير العابثين با حكام الدين والقضاء في ذلك. ١٤٩٠

4 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية مشكلة البحث : تدور مشكلة هذا البحث حول الا سي لة التالية : هل حكم الحاكم القاضي- ينفذ في الظاهر فقط أو في الظاهر والباطن ١ أو يختلف ذلك باختلاف الا حوال. ٢ ما الحكم لو اختلف مذهب القاضي عن مذهب المحكوم له هل يحل المحكوم به للمحكوم له ٣ حكم القاضي في الا ملاك والعقود والفسوخ والنكاح والطلاق بناء على بينة زور هل يحل المحكوم به للمحكوم له. ومن هنا جاءت فكرة هذا البحث للا جابة على هذه الا سي لة. ا همي ة البحث: يستمد هذا الموضوع أهميته من عدة جوانب منها: أولا : أن ه يتعلق بجانب مهم وهو أحكام القضاء وبيان مدى نفوذها في الظاهر والباطن. ثانيا : أن إبراز الا حكام محل البحث محاولة لا يقاظ ضمير العابثين با حكام القضاء التي هي في الا صل من الدين مما يعد ذلك مساهمة في الحد من الفساد في هذا الجانب. ا هداف البحث: يهدف هذا البحث إلى ما يلي: - ١ بيان مدى نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك. - ٢ معرفة مدى حل وحرمة ما حكم به الحاكم في حال كان الحكم مبني على بينة زور. ١٤٩١

5 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع ٣ إيضاح حكم اختلاف مذهب الحاكم عن مذهب المحكوم له وأثر ذلك. منهج البحث : يتبع الباحث في كتابة هذا البحث منهجين هما : أ - المنهج الاستقراي ي وذلك بجمع واستقراء أحكام هذا الموضوع وإعادة ترتيبها ترتيب علمي ا بعد ما كانت متناثرة بين مراجع العلم الشرعي ومصادره. ب - المنهج التحليلي الوصفي وذلك من خلال تحليل أقوال الفقهاء وأدل تهم ومناقشتها من أجل الوصول إلى القول الراجح. ا جراءات البحث : أقوم عند ذكر المساي ل محل البحث بما يلي: - ١ ذكر أقوال الفقهاء في المسا لة محل البحث من المصادر الا صيلة لكل مذهب من المذاهب الا ربعة. ٢ ذكر الا دلة للا قوال الواردة في المسا لة ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة. ٣ تخريج الا حاديث الواردة في البحث من المصادر الا صيلة المعتمدة. ٤ بيان وجه الاستدلال من الا يات والا حاديث عند الخفاء وعدم الوضوح. ٥ ذكر القوال الراجح في المسا لة محل البحث مع بيان أسباب الترجيح. خطة البحث: جاء هذا البحث في مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة : أم ا المقدمة فهي لبيان أهمية هذا الموضوع وأهدافه و خطته ومنهج البحث فيه. وأم ا المبحث الا ول فهو في: تعريف القضاء وبيان حكمه وفضله وأهميته وما ١٤٩٢

6 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية يجب على القاضي أن يقضي به وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الا ول : في تعريف القضاء لغة واصطلاح. المطلب الثاني: حكم القضاء وأهميته وفضله وفيه مسا لتان: المسا لة الا ولى: حكم القضاء. المسا لة الثانية : أهمية القضاء وفضله. المطلب الثالث: ما يجب على القاضي أن يقضي به. وأم ا المبحث الثاني فهو : في نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في ما وافق ظاهره باطنه وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الا ول : نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في ما وافق ظاهره باطنه. المطلب الثاني : المحكوم له. نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في ما خالف فيه مذهبه مذهب المطلب الثالث : أثر نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في ما خالف فيه مذهبه مذهب المحكوم له. وأم ا المبحث الثالث فهو في: نفوذ حكم الحاكم باطن في ما باطنه بخلاف ظاهره وأثره وفيه مطلبان: المطلب الا ول : اختلاف الفقهاء في نفوذ حكم الحاكم باطن في ما خالف ظاهره باطنه في الا موال والعقود والنكاح والطلاق. المطلب الثاني : أثر نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في ما خالف ظاهره باطنه في العقود والن كاح والطلاق وفيه ثلاث مساي ل : المسا لة الا ولى : أثر نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في العقود في ما خالف ظاهره ١٤٩٣

7 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع باطنه المسا لة الثانية : أثر نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في النكاح في ما خالف ظاهره باطنه. المسا لة الثالثة : أثر نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في الطلاق في ما ظاهره بخلاف باطنه المبحث الرابع فهو في : أثر نفوذ حكم الحاكم في فسخ البيع ظاهرا وباطن في ما خالف ظاهره باطنه وفيه مطلبان : المطلب الا و ل: اختلاف الفقهاء في نفوذ حكم الحاكم بالفسخ ظاهرا وباطن في ما ظاهره بخلاف باطنه. المطلب الثاني: أثر نفوذ حكم الحاكم بالفسخ في الظاهر والباطن. وأم ا الخاتمة : وهي لبيان أهم النتاي ج والتوصيات التي توصلت إليها من خلال هذا البحث. الدراسات السابقة : لا يكاد يخلو كتاب من كتب التراث في الفقه أو الحديث وشروحه - من التعرض لمساي ل هذا الموضوع إلا أنها لم تجمع في بحث يلم شتاتها بل هي متناثرة في مو لفات شتى وفي مباحث متفرقة لذا كانت الحاجة ماس ة إلى بذل الجهد في جمعها ودراستها وتحليها وبيان الا ثر المترتب عليها. ب الدراسات المعاصرة : لم أقف في ما اطلعت عليه قدر جهدي- على - دراسات حديثة تناولت مساي ل هذا الموضوع بصفة خاصة. ١٤٩٤

8 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية المبحث الا ول تعریف القضاء وبیان حكمھ وفضلھ وأھمیتھ وما یجب على القاضي أن یقضي بھ وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الا ول تعريف القضاء لغة واصطلاحا القضاء في اللغة : يطلق على عد ة معان منها : أنه يطلق ويراد به : الفصل في الحكم ومنه قوله تعالى: و ل و لا ك ل م ة س ب ق ت م ن ر بك إ ل ى أ ج ل م س مى ل ق ض ي ب ي ن ه م {الشورى: ١٤ } أي لفصل الحكم بينهم. ومنه: قضى القاضي بين الخصوم أي قطع بينهم في الحكم وقضى فلان دينه تا ويله أنه قد قطع ما لغريمه عليه وأداه إليه وقطع ما بينه وبينه. (١) ويراد به التقدير: يقال: قضى الشيء قضاء : إذا صنعه وقدره ومنه قوله تعالى: ف ق ض اه ن س ب ع س ما و ات وقدرهن وأحكم خلقهن. {فصلت: ١٢ } أي خلقهن وعملهن وصنعهن ويراد به أيض :البيان ومنه قوله تعالى: و لا ت ع ج ل ب ال ق ر آ ن م ن ق ب ل أ ن ي ق ض ى إ ل ي ك و ح ي ه {طه: ١١٤ } أي يبين لك بيانه. (٢) ياه ويراد به أيض : الحتم و منه ق وله ت ع ال ى: و ق ض ى ر بك أ لا ت ع ب د وا إ لا إ و ب ال و ال د ي ن إ ح س ان ا {الا سراء: ٢٣ } : أ ي أ مر وحتم و ق ال : ف ل ما ق ض ي ن ا ع ل ي ه ال م و ت ١٤٩٥ (١) تاج العروس /٣٩) (٣١١-٣١٠ (٢) المحكم والمحيط الا عظم (٦/ ٤٨٢) تاج العروس (٣٩/ ٣١٠-٣١١)

9 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع {الا سراء: ٤ }: {سبا : ١٤ }. (١) ويراد به أيض : العهد و م ن ه ق و له ت ع ال ى: أ ي عهدنا (٢). و ق ض ي ن ا إ ل ى ب ن ي إس راي يل. وتمامه (٣) قال أبو إسحاق: القضاء في اللغة على ضروب كلها ترجع إلى معنى انقضاء الشيء وفي الاصطلاح : عر ف بتعريفات عد ة : حيث عر فه الحنفي ة فقالوا : إلزام على الغير ببي نة أو إقرار أو نكو ل وعر فه المالكي ة با ن ه : الا خبار بالحكم على وجه الا لزام. (٤). (٥) وعر فه الشافعية با ن ه: فصل الخصومة بين خصمين فا كثر بحكم االله تعالى وعر فه الحنابلة فقالوا : فصل الخصومات أو الا لزام بحكم شرعي وعر ف أيض با ن ه : فصل الخصومات وقطع المنازعات وأيض : إلزام من له إلزام بحكم الشرع. (٦). (٧). (٨). (٩) (١) المحكم والمحيط الا عظم (٦/ ٤٨٢) (٢) المحكم والمحيط الا عظم (٦/ ٤٨٢) (٣) تاج العروس /٣٩) (٣١١-٣١٠ (٤) درر الحكام شرح غرر الا حكام (٢/ ٤٠٤) (٥) الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٢/ ١٧٤). (٦) نهاية الزين (ص: ٣٦٦). (٧) شرح منتهى الا رادات = دقاي ق أولي النهى لشرح المنتهى (٣/ ٥١١-٥١٢). (٨) أنيس الفقهاء في تعريفات الا لفاظ المتداولة بين الفقهاء (ص: ٨٤). (٩) التوقيف على مهمات التعاريف (ص: ٢٧٢). ١٤٩٦

10 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية والمتا مل في جملة هذه التعريفات يجدها أن ها تدور حول فصل الخصومة بين خصمين وإلزامهما وما يكون به القضاء وهو حكم الشرع ووساي ل الا ثبات فيه وهي البينة أو الا قرار أو النكول ومن هنا يمكن أن نعرفه بتعريف جامع له فنقول في تعريفه: القضاء هو فصل الخصومة بين خصمين بحكم الشرع على وجه الا لزام ثابت ذلك ببينة أو إقرار أو نكول. وفيه مسا لتان: المسا لة الا ولى: حكم القضاء المطلب الثاني حكم القضاء وا هميته وفضله القيام بالقضاء والا مامة فرض على الكفاية لما فيه من مصالح العباد من فصل الخصومات ورفع التهارج وإقامة الحدود وكف الظالم ونصر المظلوم والا مر (١) بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد دل على ذلك الكتاب والسن ة والا جماع والمعقول : أو لا : الكتاب منه : ١ قوله تعالى ي ا د او ود إ نا ج ع ل ن اك خ ل يف ة ف ي الا ر ض ف اح ك م ب ي ن الن اس ب ال ح ق {ص: ٢٦ } ٢ قوله تعالى و أ ن اح ك م ب ي ن ه م ب م ا أ ن ز ل االله و لا ت تب ع أ ه و اء ه م {الماي دة: ٤٩ } ٣ قوله تعالى {النور: ٤٨ }. و إ ذ ا د ع وا إ ل ى االله و ر س ول ه ن ه م م ع ر ض و ن ل ي ح ك م ب ي ن ه م إ ذ ا ف ر يق م (١) عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (٣/ ١٠٠١) ١٤٩٧

11 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع - ٤ قوله تعالى: ب ي ن ه م {النساء: ٦٥ }. وجه الدلالة : وفرضيته في الجملة. (١) يم ا ش ج ر ف لا و ر بك لا ي و م ن ون ح تى ي ح كم وك ف حيث دل ت هذه الا يات دل ت في مجموعها على مشروعية القضاء ثاني السنة منها : ما روي عن عمرو بن العاص-رضي االله- أنه سمع رسول االله صلى االله عليه وسلم يقول: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطا فله أجر (٢) "متفق عليه. وجه الدلالة : الحديث يدل دلالة واضحة على مشروعية القضاء في الجملة. ثالث الا جماع : حيث أجمع المسلمون على وجوب القضاء والحكم بين الناس بما في الكتاب والسنة والا جماع. (٣) ومن المعقول : إن ما كان القضاء من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين لا ن أمر الناس لا يستقيم بدونه فكان واجب عليهم كالجهاد والا مامة المسا لة الثانية : أهمية القضاء وفضله. (٤) ترجع أهمي ة القضاء إلى أن فيه أمرا بالمعروف ون صرة المظلوم وأداء الحق إلى (١) المغني لابن قدامة (١٠/ ٣٢) (٢) صحيح البخاري (٩/ ١٠٨) كتاب الاعتصام بالكتاب والسن ة باب أجر الحاكم إذا اجتهد فا صاب أو أخطا -٦ ١٣٤٢) كتاب الا قضية صحيح مسلم (٣/ حديث رقم ٧٣٥٢ باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فا صاب أو أخطا حديث رقم ١٧١٦. (٣) الا قناع في مساي ل الا جماع (٢/ ١٤٣) المغني لابن قدامة (١٠/ ٣٢). (٤) المغني لابن قدامة (١٠/ ٣٢) ١٤٩٨

12 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية مستحقه وردا للظالم عن ظلمه وإصلاح بين الناس وتخليص لبعضهم من بعض وذلك من أبواب القرب إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي يميل إليها كل لبيب ومحاسنه لا تخفى على أحد ولولا ذلك لفسدت البلاد وهلك العباد. (١) وهو من أفضل العبادات وأشرفها وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به وأداء الحق فيه وقد تولاه النبي - صلى االله عليه وسلم قال االله تعالى ب م ا أ ن ز ل االله و لا ت تب ع أ ه و اء ه م و أ ن اح ك م ب ي ن ه م {الماي دة: ٤٩ } وكذلك تولاه الا نبياء عليهم السلام قبله فكانوا يحكمون لا ممهم وبه أ مروا قال تعالى ي ا د او ود إ نا ج ع ل ن اك خ ل يف ة ف ي الا ر ض ف اح ك م ب ي ن الن اس ب ال ح ق وقال تعالى إ نا أ ن ز ل ن ا ال تو ر اة ف يه ا ه د ى و ن ور ي ح ك م ب ه ا الن ب يون {الماي دة: ٤٤ }. وقد ولاه النبي صلى االله عليه وسلم أصحابه وبعثهم لا جله فقد روي عن علي- رضي االله عنه- قال: بعثني رسول االله صلى االله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن قال: قلت: تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء قال: " إن االله سيهدي لسانك ويثبت قلبك " قال: فما شككت في قضاء بين اثنين بعد والحكم بين الناس بالعدل من أفضل أعمال البر وأعلى درجات الا جر. (٢) (٣) س ط إ ن االله ي ح و إ ن ح ك م ت ف اح ك م ب ي ن ه م ب ال ق ين ب ال م ق س ط {الماي دة: ٤٢ } قال تعالى: (١) تبيين الحقاي ق شرح كنز الدقاي ق (٤/ ١٧٥) أنيس الفقهاء في تعريفات الا لفاظ المتداولة بين الفقهاء (ص: (٢) مسند أحمد (٢/ ٦٨) حديث رقم ٦٣٦ سنن البيهقي الكبرى (١٠/ ٨٦) كتاب آداب القاضي حديث ١٤٩٩ (٨٣ رقم ١٩٩٤١. (٣) المقدمات الممهدات /٢) (٢٥٥

13 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع وقال صلى االله عليه وسلم: "إن المقسطين عند االله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا". (١) ومع عظم فضله فا ن خطره عظيم لا ن الجور في الا حكام واتباع الهوى فيها من ج ه ن م ما ال ق اس ط ون ف ك ان وا ل أعظم الذنوب وأكبر الكباي ر (٢) قال االله عز وجل و أ ح ط ب ا {الجن: ١٥ }. وعنه صلى االله عليه وسلم: "ما من أحد يكون على شيء من أمور هذه الا مة قلت أم كثرت فلا يعدل فيهم إلا كب ه االله في النار" (٣). المطلب الثالث ما يجب على القاضي ا ن يقضي به اتفقوا على أن ه يجب على القاضي أن يحكم بالعدل والحق. (٤) وليس المراد الحكم بالحق والعدل في نفس الا مر حقيقة إذ لا سبيل له إلى ذلك وإن ما المراد الحكم بالحق والعدل بما ثبت لديه من الا دل ة المعتبرة دون جور أو ميل وإن كان الا مر خلاف ما عليه في الباطن دون أن يعلم بذلك لا ن القاضي لم يكلف بالتحري عن ما يبطنه الخصم مما لا يطلع عليه إلا االله تعالى وإنما كلف بالتحري والتبصر في طريق الحكم لا غير إذ به يتعلق الخطا والصواب وفيه يكون البحث. (٥) (١) صحيح مسلم (٣/ ١٤٥٨) كتاب الا مارة ٥- باب فضيلة الا مام العادل وعقوبة الجاي ر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم حديث رقم (١٨٢٧). ١٥٠٠ (٢) المقدمات الممهدات /٢) (٢٥٦ (٣) أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (٤/ ١٠٢) حديث رقم ٧٠١٤ -عن أم معقل عن أبيها وقال : هذه أم معقل بنت معقل بن سنان الا شجعي وهو صحيح الا سناد ولم يخرجاه " (٤) مراتب الا جماع (ص: ٥٠) (٥) فتح الباري لابن حجر (١٣/ ١٧٥)

14 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية ويو يده ما روي عن أم سلمة رضي االله عنها: أن رسول االله صلى االله عليه وسلم قال: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فا قضي على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيي ا فلا يا خذه فا نما أقطع له قطعة من النار". (١) وجه الدلالة : الحديث يدل على أن الحاكم إنما يحكم بظاهر ما يسمع من الا لفاظ مع جواز كون الباطن خلاف لذلك ولم يتعبد بالبحث عن البواطن باستعمال الا شياء التي تفضي في بعض الا حوال إلى ذلك كا نواع السياسة والمداهاة. (٢) قال ابن جحر: ولعل الس ر في قوله " إن ما أنا بشر" امتثال قول االله تعالى ق ل إ نم ا أ ن ا ب ش ر م ث ل ك م ي وح ى إ ل ي {الكهف: ١١٠ } أي في إجراء الا حكام على الظاهر الذي يستوي فيه جميع المكلفين فا مر أن يحكم بمثل ما أمروا أن يحكموا به ليتم الاقتداء به وتطيب نفوس العباد للانقياد إلى الا حكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن. (٣) وقال الش افعي : في قوله صلى االله عليه وسلم" على نحو ما أسمع منه " : دلالة على أنه لا يحل لحاكم أن يحكم على أحد إلا بما لفظ وأن لا يقضي عليه بشيء مما غيب االله. نية أو سبب أو ظن أو تهمة (٤) تعالى عنه من أمره من (١) صحيح البخاري (٩/ ٦٩) كتاب الا حكام باب موعظة الا مام للخصوم حديث رقم ٧١٦٨ صحيح مسلم (٣/ ١٣٣٧) كتاب الا قضية ٣ - باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة حديث رقم (١٧١٣) واللفظ ١٥٠١ للبخاري. (٢) نيل الا وطار /٥) (٣٠٣. (٣) فتح الباري لابن حجر (١٣/ ١٧٥) (٤) الا م للشافعي /٦) (٢١٥.

15 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع وإذا جار في أحكامه با ن خرج عن الحق عامدا فا ن أحكامه تنبذ وتطرح وتلغى (١) وإن كانت مستقيمة في ظاهرها ولا يمضي منها إلا ما ثبت صحة باطنه بالبينة العادلة. (٢) قال ابن رشد الجد-: وقاض لا تتصفح أحكامه وترد كلها وإن كانت مستقيمة في ظاهرها إلا أن يثبت صحة باطنها وهو القاضي الجاي ر. (٣) وقال اللخمي : وإن كان جاي ر ا في أحكامه- لم تجز أقضيته كلها وعلى من ولي بعده أن يرد ها كلها صواب ا كانت أو خطا لا نه لا يو من أن يظهر الع دل وال صواب وباطن أمره الجور إلا ما عرف أن باطن أمره كان صحيح ا. (٤) وإذا تبين أن ه حكم بالعدل والحق وكان حكمه مستكملا للشروط الواجب على الحاكم مراعاتها ووقع على وجه الصواب فا ن ه ينفذ ويرفع العمل بمقتضى الخلاف الواقع بين أهل العلم في تلك النازلة بمعنى أنه إذا رفع لمن لا يراه فليس له نقضه (٥). وينفذ فا ذا حكم بفسخ عقد أو صحته لكونه يرى ذلك لم يجز لقاض غيره ولا له نقضه ولا يجوز لمفت علم بحكمه أن يفتي بخلافه. (٦) (١) جامع الا مهات (ص: ٤٦٥) منح الجليل شرح مختصر خليل (٨/ ٣٣٦). (٢) المختصر الفقهي لابن عرفة (٩/ ١٣٤) شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٣). (٣) البيان والتحصيل /٩) (٢٥٦ (٤) التبصرة للخمي /١١) (٥٣٦٥ (٥) الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ١٥٦) شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٦) (٦) الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ١٥٦) شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٦) ١٥٠٢

16 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية المبحث الثاني في نفوذ حكم الحاكم ظاھرا وباطنا في ما وافق ظاھره باطنھ وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الا ول نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطنا في ما وافق ظاهره باطنه إذا حكم الحاكم في قضي ة ما رفعت إليه وكان حكمه مستكملا لشراي ط الحكم ووقع على وجه الصواب فلا خلاف بينهم في نفوذ حكمه في الظاهر وذلك برفعه للخلاف الواقع بين الناس بعضهم البعض من ناحية ورفعه للعمل بمقتضى الخلاف الواقع بين العلماء من ناحية أخرى (١). بمعنى: أن الخصومة بين الخصمين في تلك الواقعة تنتهي بذلك الحكم ولو حصل فترافع أحد الخصمين بعد الحكم فيها مرة أخرى إلى قاض آخر فا ن ه لا يجوز لذلك القاضي نقض الحكم الصادر فيها ولا لمفت علم بهذا الحكم أن يفتي بخلافه. (٢) واستدل وا لذلك بما أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي عن الحكم بن مسعود قال: شهدت عمر أشرك الا خوة من الا ب والا م مع الا خوة من الا م في الثلث فقال له رجل: قد قضيت في هذا عام الا ول بغير هذا قال: وكيف قضيت قال: "جعلته للا خوة للا م ولم تجعل للا خوة من الا ب والا م شيي ا" قال: "ذلك على ما قضينا وهذا على ما (١) الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ١٥٦) شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٦) مجمع الا نهر في شرح ملتقى الا بحر (٢/ ١٧٠) (٢) الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ١٥٦) شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٦) ١٥٠٣

17 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع نقضي" (١). وجه الدلالة : الا ثر يدل دلالة صريحة على عدم نقض الحكم الا ول ولو كان (٢). هنا النقض ممن أصدره أو لا لا ن عمر رضي االله عنه- لم ينقض حكمه الا ول فكذلك ورفع حكم الحاكم العمل بمقتضى الخلاف إن ما يكون في خصوص تلك الجزي ية التي وقع فيها الحكم لا ما ماثلها من الجزي يات. (٣) وعليه فا ذا ح ك م حاكم في نازلة بصحة عقد لكونه يراه وح ك م آخر بفساد مثله في نازلة أخرى لكونه يراه صار ك ل منهما كالمجمع عليه في خصوص ما وقع الح ك م به ولا يجوز لا حد ن ق ض ه ولا يجوز له ذلك أيض (٤). كما أن ه لا خلاف بينهم في ما وافق ظاهره باطنه أن ه ينفذ في الباطن كذلك أي في ما بينه وبين االله تعالى. بمعنى: أن الحاكم إذا حكم له بشيء وكان ظاهر ما حكم فيه موافق لباطنه فا ن ه يصير حلالا للمحكوم له (٥). (١) مصنف ابن أبي شيبة (٦/ ٢٤٧) كتاب الفراي ض في زوج وأم وإخوة وأخوات لا ب وأم وإخوة لا م من شرك بينهم حديث رقم ٣١٠٩٧ السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ٢٠٤) كتاب آداب القاضي السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ٢٠٤) باب من اجتهد من الحكام, ثم تغير اجتهاده, أو اجتهاد غيره في ما يسوغ فيه الاجتهاد, لم يرد ما قضى به استدلالا بما مضى في خطا القبلة في كتاب الصلاة حديث رقم - ٢٠٣٧٤. (٢) أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الا ي مة مالك» (٣/ ٢٠٩) (٣) حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٦) (٤) أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الا ي مة مالك» (٣/ ٢٠٩) (٥) مجمع الا نهر في شرح ملتقى الا بحر (٢/ ١٧٠). ١٥٠٤

18 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية المطلب الثاني نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطنا في ما خالف فيه مذهبه مذهب المحكوم له إذا حكم حاكم من أهل المذاهب الا ربعة بحكم مذهبه في ما وافق ظاهره باطنه والحال أن مذهبه مخالف لمذهب المحكوم له أو عليه كما إذا حكم بشفة الجوار (١) لمن لم يراها للجار بل للشريك (١) أو بحصول التحليل للمبتوتة بوطء الصبي ) ١ ( اختلف الفقهاء في الشفعة هل هي للشريك فقط أم للشريك والجار إلى قولين القول الا ول : أن الشفعة تثبت للجار الملاصق وإلى هذا القول ذهب الحنفية وأحمد في رواية عنه وهو قول شريح والشعبي. المبسوط للسرخسي (١٤/ ٩٤) الا نصاف للمرداوي (٦/ ٢٥٥) استدل أصحاب هذا القول با دل ة من السنة منها : ما روي عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: قلت: يا رسول االله أرض ليس فيها لا حد قسم ولا شرك إلا الجوار قال: "الجار أحق بصقبه ما كان". أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٤/ ٥١٩) من كان يقضي بالشفعة للجار حديث رقم ٢٢٧٢٩ واللفظ له والطبراني في المعجم الكبير (٧/ ٣١٩) حديث رقم ٧٢٥٦ با لفاظ متقاربه وفيه بسقبه بالسين بدل الصاد وزيادة ما كان احوج إليه. قال الذهبي وحديث الشريد فقال ابن المنذر : منكر لا أصل له. قلت : بل إسناده صالح. تنقيح كتاب التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي (٢/ ١٢٧). وجه الدلالة : هذا أيضا دليل واضح في إيجاب الشفعة بالجوار دون الشركة لا نه أجابه عن الجوار الذي ليس معه شركة فا وجبها فيه. شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٣/ ٣٤٤) المبسوط للسرخسي (١٤/ ٩٣) القول الثاني : لا شفعة إلا للشريك ما لم يقاسم فلا شفعة للجار ولا للشريك المقاسم. وإلى هذا القول ذهب جمهور الفقهاء مالك والشافعي وأحمد في الرواية المشهورة من مذهبه والا وزاعي. الكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ٨٥٢) حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (٢/ ٢٥١) التهذيب للشيرازي (٤/ (٣٣٧ أسنى المطالب /٢) (٣٦٤ الا نصاف للمرداوي /٦) (٢٥٥ مطالب أولي النهى /٤) (١٠١ استدل أصحاب هذا القول لما ذهبوا با دل ة من السنة منها : ما روي عن جابر بن عبد االله رضي االله عنهما قال: " قضى رسول االله صلى االله عليه وسلم بالشفعة في كل مالم يقسم فا ذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة". صحيح البخاري (٣/ ٨٧) كتاب الشفعة باب: الشفعة في مالم يقسم فا ذا وقعت الحدود فلا شفعة ١٥٠٥

19 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع حديث. ٢٢٥٧ وجه الدلالة : ما ذكر فيه من "أنه إذا وقعت الحدود فلا شفعة" وذلك أنه لما كانت الشفعة غير واجبة للشريك المقاسم فهي أحرى أن لا تكون واجبة للجار وأيضا فا ن الشريك المقاسم هو جار إذا قاسم. بداية المجتهد /٤) (٤٠ المجموع /١٤) (٣٠٤ ونوقش الاستدلال به : با ن الجار في الحديث يحتمل أت يكون محمولا على الشريك ويحتمل أن يكون المراد أحق بالبر والمعونة وما في معناهما بسبب قربه من جاره. المجموع شرح المهذب (١٤/ ٣٠٤). والقول الراجح : هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وذلك لقوة أدلتهم ومناقشتهم لا دلة الغير. ) ١ ( اختلف الفقهاء في وطء الصبي للمبتوتة هل يحصل به التحليل أولا إلى قولين : القول الا ول : أنه يحصل به التحليل وبه قال جمهور الفقهاء الحنفي ة والشافعي ة والحنابلة. بداي ع الصناي ع في ترتيب الشراي ع (٣/ ١٨٩) المغني لابن قدامة (٧/ ٥١٨) نهاية المطلب (١٢/ ٤٠٥) العزيز شرح الوجيز العلمية (٨/ ٤٩). القول الثاني : أن ه لا يحصل به التحليل وإلى هذا القول ذهب المالكي ة. المدونة (٢/ ٢٠٨) استدل أصحاب القول الا ول لما ذهبوا عليه با دلة من الكتاب والمعقول : الكتاب منه : قوله تعالى : [ی ی ی ي ج ي ح ي م ي ى ي ي بج [ {البقرة: ٢٣٠ } وجه الدلالة : أن الا ية وردت عام ة فيكون التحليل بنكاح الصبي داخلا في التحليل بنكاح عموم الا زواج. المغني /٧) (٥١٨ والمعقول منه : أنه وطء من زوج في نكاح صحيح وهو الشرط بالنص فا شبه البالغ في حصول التحليل بنكاحه. المغني لابن قدامة (٧/ ٥١٨) وأيض : أن وطء الصبي يتعلق به أحكام النكاح من المهر والتحريم كوطء البالغ العاقل فيكون في التحليل مثله. بداي ع الصناي ع في ترتيب الشراي ع (٣/ ١٨٩) واستدل أصحاب القول الثاني لما ذهبوا عليه با دلة من المعقول : منه : أن وطء الصبي ليس بوطء فلا يحصل به تحليل للمبتوتة. المدونة (٢/ ٢٠٨) والقول الراجح : هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني وذلك لقوة الا دلة التي استدلوا بها بالا ضافة إلى أن وطء الصغير لا يتحقق به المعنى الذي يكون من وطء الكبير والذي جاء النص عليه في حديث " لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك...". ١٥٠٦

20 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية أو لمن طلق امرأته البتة فخاصمته إلى من يراها واحدة والزوجة مذهبها أنها ثلاث والزوج أيضا ممن يرى البتة ثلاث (١) فقد اتفقوا على أن حكمه في المساي ل السابقة (١) اختلف الفقهاء في طلاق الثلاث هل يقع ثلاث أو واحدة إلى قولين : القول الا ول: أن طلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاث وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وعبد االله بن عمرو وابن مسعود وأنس وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والا ي مة بعدهم. وإليه ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب. المغني لابن قدامة (٧/ ٣٧٠) بداي ع الصناي ع (٣/ ٩١) مناهج التحصيل (٤/ ١٦٠) المجموع شرح المهذب (١٧/ ١٢١) أسنى المطالب /١٦) (٢٤٤ الا نصاف للمرداوي /٨) (٤٥٣ القول الثاني : أن ه يقع واحدة وهو قول أهل الظاهر ويروى ذلك عن جماعة منهم الحجاج بن أرطا ة ومحمد بن إسحاق وعطاء وطاووس وسعيد بن جبير وأبو الشعثاء وعمرو بن دينار. مناهج التحصيل /٤) (١٦٠ المغني /٧) (٣٧٠ وسبب الخلاف: هل الحكم الذي جعله الشرع من البينونة للطلقة الثالثة يقع با لزام المكلف نفسه هذا الحكم في طلقة واحدة أم لا يقع ولا يلزم من ذلك إلا ما ألزم الشرع. بداية المجتهد (٣/ ٨٤). ن ب ع د ح تى ت ن ك ح ز و ج ا غ ي ر ه [ استدل أصحاب القول الا ول با دل ة من الكتاب منه : قوله تعالى: ] ف لا ت ح ل ل ه م {الطلاق: ١ } وجه الدلالة : الا ية تدل دلالة واضحة على وقوع طلاق الثلاث لا ن هذه الا ية جاء فيها الزجر عن الفعل والردع عنه فلولا أنه واقع وإلا لم يصفه با نه ظالم نفسه لا نه كان يكون لغو ا واللاغي لا يقال له ذلك. الا شراف على نكت مساي ل الخلاف (٢/ ٧٣٩) والسنة منها : ما روي عن ركانة بن عبد يزيد أنه طلق امرأته البتة فا تى النبي صلى االله عليه وسلم فذكر له فقال له: «ما أردت بها» قال: واحدة قال: «االله ما أردت بها إلا واحدة» قال: االله ما أردت بها إلا واحدة فقال له النبي صلى االله عليه وسلم: «هي واحدة». أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٥/ ٧٠) حديث رقم واللفظ له والحاكم في المستدرك على الصحيحين (٢/ ٢١٨) كتاب الطلاق حديث رقم ٢٨٠٧ ٤٦١٣ وقال : قد انحرف الشيخان عن الزبير بن سعيد الهاشمي في الصحيحين «غير أن لهذا الحديث متابعا من بنت ركانة بن عبد يزيد المطلبي» فيصح به الحديث. وجه الدلالة : الحديث يدل دلالة واضحة على وقوع طلاق الثلاث بلفظ واحد لقوله صلى االله عليه وسلم ١٥٠٧

21 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع له في الحديث «االله ما أردت بها إلا واحدة» فلو كان ما زاد عليها غير واقع لم يكن لا حلافه معنى. الا شراف /٢) (٧٣٩ بحر المذهب( ١٠ / (١٠ واستدل أصحاب القول الثاني با دل ة من الكتاب منه : ظاهر قوله تعالى قوله تعالى [ہ ہ ہ] {البقرة: ٢٢٩ } إلى قوله في الثالثة: [ي ى ی ی ی ی ي ج ي ح ي م ي ى ي ي بج بح] {البقرة: ٢٣٠ } يفيد أن الطلاق ثلاث مرات والمطل ق بلفظ الثلاث مطلق واحدة لا مطلق ثلاث. بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٣/ ٨٤) والسنة منها : ما روي عن ابن عباس قال: " كان الطلاق على عهد رسول االله صلى االله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فا مضاه عليهم ".صحيح مسلم (٢/ ١٠٩٩) كتاب الطلاق باب طلاق الثلاث حديث رقم (١٤٧٢). ب - واحتجوا أيضا بما رواه ابن إسحاق عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: " طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزن شديدا قال: فسا له رسول االله صلى االله عليه وسلم: " كيف طلقتها " قال: طلقتها ثلاثا قال: فقال: " في مجلس واحد " قال: نعم قال: " فا نما تلك واحدة فا رجعها إن شي ت " قال: فرجعها فكان ابن عباس: " يرى أنما الطلاق عند كل طهر ". مسند أحمد (٤/ ٢١٥) حديث رقم ٢٣٨٧ سنن البيهقي الكبرى (٧/ ٣٣٩) ١٥ كتاب الخلع والطلاق باب من جعل الثلاث واحدة وما ورد في خلاف ذلك ( حديث رقم. ١٤٧٦٤ وجه الدلالة : الحديثان يدلان دلالة صريحة على أن طلاق الثلاث بلفظ واحد يقع واحدة لا ثلاث فلا يجوز لعمر أن يخالف شرعا ثبت على عهد رسول االله صلى االله عليه وسلم. وقد ارتفع النسخ بموته. الحاوي الكبير ١٠ / ١١٨ بحر المذهب (١٠/ ٩) المناقشة وهي من وجوه : الا ول : أن حديث ابن عباس الواقع في الصحيحين إنما رواه عنه من أصحابه طاوس وأن جلة أصحابه رووا عنه لزوم الثلاث منهم سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار وجماعة غيرهم. و قال الا ثرم: سا لت أبا عبد االله عن حديث ابن عباس با ي شيء تدفعه فقال: أدفعه برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه. ثم ذكر عن عدة عن ابن عباس من وجوه أنها ثلاث. وقيل: معنى حديث ابن عباس أن الناس كانوا يطلقون واحدة على عهد رسول االله - صلى االله عليه وسلم - وأبي بكر وإلا فلا يجوز أن يخالف عمر ما كان في عهد رسول االله - صلى االله عليه وسلم - وأبي بكر ولا يسوغ لابن عباس أن يروي هذا عن رسول االله - صلى االله عليه وسلم - ويفتي بخلافه. المغني لابن قدامة (٧/ ٣٧٠) ١٥٠٨

22 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية ونحوها أن ه ينفذ ظاهرا واختلفوا في نفوذه باطن على أقوال أهمها : القول الا ول : إذا حكم حاكم من أهل المذاهب الا ربعة بحكم مذهبه في ما وافق ظاهره باطنه والحال أن مذهبه مخالف لمذهب المحكوم له أو عليه فا ن كان حكمه في مح ل مختلف فيه فا ن ه ينفذ ظاهرا وباطن مطلق أي في ح ق من يعتقده وفي حق من لا يعتقده كذلك وإلى هذا القول ذهب المالكي ة في المذهب عندهم (١) والشافعي ة في الا صح عندهم (٢) والحنابلة في إحدى الروايتين عن أحمد وهي المذهب (٣). (٤) وأحمد في القول الثاني : عدم النفوذ مطلق وهو مقابل الا صح عند الشافعية بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٣/ ٨٤) والثاني :أن حديث ابن إسحاق وهم وإنما روى الثقات أن ركانة طلق زوجه البتة لا ثلاث. بداية المجتهد ١٥٠٩ (٨٤ /٣) القول الراجح : بعد عرض أقوال الفقهاء وأدل تهم في المسا لة فا نني أرى أن القول الراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء أصحاب القول الا ول وذلك لقوة الا دلة التي استدلوا بها ومناقشتهم لا دلة الغير. غير أن المعتمد للفتيا والقضاء منذ زمن هو القول الثاني والقاي ل با ن طلاق الثلاث بلفظ واحد يقع واحدة وإن ه وإن كان شاذا باعتبار مخالفته لما عليه الجمهور إلا أنه لعموم البلوى صار عليه القضاء والفتوى. (١) سواء كان حكمه بناء على قول شاذ - أي با ن ضعف مدركه أو عارضه ما هو أصح منه -أو غيره خلاف لابن شاس في عدم نفوذه باطنا في ما إذا حكم بالشاذ. حاشية الدسوقي (١٧/ ١٣٤) شرح مختصر خليل للخرشي /٧).(١٦٦ (٢) روضة الطالبين وعمدة المفتين (١١/ ١٥٣) العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (١٢/ (٤٨٤ (٣) منار السبيل في شرح الدليل (٢/ ٤٧٠) الا نصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (١١/ ٣١٢) (٤) روضة الطالبين وعمدة المفتين (١١/ ١٥٣) نهاية المطلب في دراية المذهب (١٨/ ٦٠١)

23 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع الرواية الثانية عنه (١). القول الثالث : التفريق بين من اعتقد حله ومن لم يعتقد فينفذ في حق من اعتقد حل ه دون غيره وهو وجه ثالث عند الشافعي ة الا دل ة : أو لا : أدل ة أصحاب القول الا ول :. (٢) استدل أصحاب هذا القول لما ذهبوا إليه با دل ة المعقول منه: - ١ أن المحكوم له في هذه الحالة غير ظالم في نفس الا مر وإن ما هو مستحق لما ادعاه على مذهب الحاكم وغير مستحق له على مذهب غيره فيحل له الحرام لرفع حكم الحاكم الخلاف في حقه ٢ أن القول بنفوذه باطن في هذ الحالة حتى تتفق الكلمة ويتم الانتفاع (٤). قال إمام الحرمين الجويني : واتباع القاضي بحق الولاية إذ لولا وجوب الاتباع. (٣) لانفرد ك ل بمذهبه ولتقط عت الا راء على الشتات بين النفي والا ثبات ثاني : أدل ة أصحاب القول الثاني :. (٥) لم اقف لا صحاب هذا القول على أدل ة تذكر في ما ذهبوا إليه غير أن هذا القول بناه أصحابه على القول با ن القاضي لا يغي ر حكم االله في الباطن وأن الا مر في الم صيب (١) الا نصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (١١/ ٣١٢) (٢) روضة الطالبين وعمدة المفتين (١١/ ١٥٣) (٣) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (١٧/ ١٣٤) شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٦). (٤) روضة الطالبين وعمدة المفتين (١١/ ١٥٣) (٥) نهاية المطلب في دراية المذهب (١٨/ ٦٠١) ١٥١٠

24 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية مبهم كما كان (١) وعليه فلا ينفذ حكمه باطن عندهم. ثالث : أدل ة أصحاب القول الثالث: لم أقف لا صحاب هذا القول على أدل ة تذكر في ما ذهبوا إليه غير أن ه يمكن أن يستدل لهم با ن ه إن ما ينفذ في حق من يرى حل ه لموافقة حكم الحاكم لاعتقاده في الحل فلا تنافي حيني ذ خلاف لمن يعتقد حرمته فلا ينفذ في حق ه لتنافيه إذ كيف يحل له ما يراه حرام فيكون الشيء حلالا وحرام في آن واحد. قال المرداوي : إذ كيف يحكم له بما لا يستحل ه فا نه إن كان مجتهدا لزمه العمل باجتهاده وإن كان مقلدا لزمه العمل بقول من قلده فكيف يلزمه شيء ولا يلزمه فيجتمع الضدان! (٢). القول الراجح : بعد عرض أقوال الفقهاء وأدل تهم في هذه المسا لة فا نن ي أرى أن القول الراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء أصحاب القول الا ول وذلك لما يلي: ١ قوة الا دلة التي استدلوا بها. أن المحكوم له أو عليه ليس ظالم في نفس الا مر حقيقة في هذه المسا لة غاية ٢ الا مر أن ما حكم له به هو مستحق له على مذهب الحاكم دون مذهبه بالا ضافة إلى أن باطن الحكم فيها موافق لظاهره فلا إشكال ما دام المحل محل اختلاف (١) نهاية المطلب في دراية المذهب (١٨/ ٦٠١) (٢) وفيه أيض : إلا أن يراد: ويلزمه الانقياد للحكم ظاهرا والعمل بضده باطنا كالمرأة التي تعتقد أنها محرمة على زوجها وهو ينكر ذلك. لكن في جواز إقدام الحاكم على الحكم بذلك من يعتقد تحريمه نظر لا نه إلزام له بفعل محرم. لا سيما على قول من يقول: كل مجتهد مصيب. انتهى فواي د.الا نصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (١١/ ٣١٣) ١٥١١

25 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع ٣ واجتهاد بين الفقهاء. أن الذي عليه جماهير الفقهاء أن حكم االله باطن يثبت في المجتهدات على اتحاد إذا نفذ القضاء ويصير المقضي به حكم االله ظاهرا وباطن بدليل امتناع جواز نقض القضاء في المجتهدات (١). المطلب الثالث ا ثر نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطنا في ما خالف فيه مذهبه مذهب المحكوم له يظهر أثر القول بنفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطن في ما خالف فيه مذهبه مذهب المحكوم له فيما لو طلق رجل امرأته البته فخاصمته إلى من يراها واحدة والزوجة مذهبها أن ها ثلاث والزوج أيض ممن يرى البتة ثلاث أن ه يكون رافع للخلاف الواقع بين العلماء في خصوص هذه الحالة ظاهرا وباطن فتصير هذه الحالة كالمجمع عليها فلا يحل نقضها للقاضي الذي حكم فيها أو غيره ولا يحل لمفت أن يفتي فيها بغير ما ح ك م فيها كما أن الحكم يبيح للزوج أن يقربها ويبيح لها أن تمكنه من نفسها لا ن حكم الحاكم يرفع الخلاف وعليه فيحل لهما ما هو عليهما حرام. (٢) خلاف لمن رأى منهم عدم النفوذ مطلق سواء اعتقد المحكوم له حل ذلك أم لا فينفذ حكم القاضي عندهم في الظاهر فقط دون الباطن وعليه فلا يحل للزوج أن يقربها حتى تنكح زوج غيره ولا يبيح لها الحكم با ن تمكنه من نفسها حتى تنكح زوجا غيره (١) نهاية المطلب في دراية المذهب (١٨/ ٦٠١) (٢) منح الجليل شرح مختصر خليل (٨/ ٣٥٥) ١٥١٢

26 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية من قبل لا ن حكم الحاكم لا يحل لهما ما هو عليهما حرام. (١) وعند من رأى التفريق بين من اعتقد حل ه وغيره فا نه ينفذ ظاهرا وأم ا في الباطن فينفذ عنده في حق من اعتقد الحل دون غيره. وعليه فا ن اعتقدا حل ه فيحل للزوج أن يقربها ويبيح لها الحكم با ن تمكنه من نفسها وإن لم يعتقداه فلا يحل له أن يقربها ولا يباح لها بالحكم أن تمك نه من نفسها. وكذا القول في ما إذا حكم حنفي لمالكي أو شافعي أو حنبلي بشفعة الجوار فعلى قول أصحاب القول الا ول با ن حكم الحاكم في هذه الحالة ينفذ ظاهرا وباطن فتحل شفة الجوار لمن حكم له من مالكي أو شافعي أو حنبلي (٢). خلاف لمن لم يرى نفوذ حكمه باطن في هذه الحالة مطلق سواء اعتقد المحكوم له الحل أم لا فا ن شفعة الجوار لا تحل للمحكوم له من مالكي أو شافعي أو حنبلي إذا حكم له بها حنفي (٣). وعند من رأى التفريق بين من اعتقد حلها وغيره فينفذ باطن في حق من اعتقد الح ل دون غيره وعليه فتحل شفعة الجوار إذا حكم بها حنفي مخالف لمذهب المحكوم له لمن اعتقد حل ها ولا تحل لمن لم يعتقد ذلك. (٤) (١) لنوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الا مهات (٨/ ٣٣٥) ٢٣٤ منح الجليل (٨/ ٣٥٥) (٢) منح الجليل (٨/ ٣٥٥) روضة الطالبين (١١/ ١٥٣) بغية المسترشدين (ص: ٥٨٣) الا نصاف للمرداوي (٣١٢ /١١) (٣) الا نصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (١١/ ٣١٢) روضة الطالبين وعمدة المفتين (١١/ (١٥٤ (٤) روضة الطالبين وعمدة المفتين (١١/ ١٥٤) حاشيتا قليوبي وعميرة (٤/ ٣٠٥) ١٥١٣

27 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع وأيض في حصول التحليل بوطء الصغير إذا حكم به من يرى حصول التحليل بوطي ه لمخالف له في المذهب لا يرى حصول التحليل بذلك فعلي قول من يرى نفوذ حكم الحاكم ظاهرا وباطنا في هذه الحالة فا ن ه يحصل التحليل بوطء الصغير بناء على حكم الحاكم ويجوز للبات العقد على زوجته المبتوتة. (١) خلاف لمن لم يرى حصول التحليل بوطي ه في هذه الحالة مطلق سواء اعتقد المحكوم له حصول التحليل به أم لا وعليه فلا يحل للمحكوم له البات العقد على زوجته المبتوتة. وعند من رأى التفريق بين من اعتقد حصوله التحليل بوطي ه ومن لم يعتقده فينفذ باطن في حق من اعتقد حصول التحليل دون غيره وعليه فيحل للمحكوم له البات العقد على زوجته المبتوتة إن اعتقد حصول التحليل بوطء الصغير لا إن لم يعتقده فلا يحل له ذلك. (١) حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٧) قالوا : إن المضر في التلفيق الدخول عليه وأما إذا لم يحصل الدخول عليه وإنما حصل أمر اتفاقي جاز. حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ ١٦٧) ١٥١٤

28 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية المبحث الثالث نفوذ حكم الحاكم باطنا في ما باطنھ بخلاف ظاھره وأثره وفيه مطلبان : المطلب الا ول اختلاف الفقهاء في نفوذ حكم الحاكم باطنا في ما خالف ظاهره باطنه في الا موال والعقود والنكاح والطلاق إذا حكم الحاكم في الا موال في ما له ظاهر جاي ز وباطن ممنوع بحيث لو اطلع الحاكم عليه لم يحكم بجوازه كالحكم بناء على بينة مزو رة فقد أجمع العلماء على أن حكم الحاكم لا يخرج الا مر عما هو عليه في الباطن من الحرمة وعدم الجواز وإنما حكمه في هذه الحالة ينفذ في الظاهر فقط دون الباطن. (١) قال ابن المنذر : وأجمعوا على أشياء مما يحكم بها الحاكم في الظاهر حرام على المقضي له به ممن يعلم أن ذلك حرام عليه من ذلك أن يحكم له بالمال. (٢) وقال ابن رشد الجد : وحكم الحاكم لا يحل حرام ولا يحر م حلالا على من علمه في باطن الا مر لا ن الحاكم إنما يحكم بما ظهر وهو الذي تعبد به ولا ينقل الباطن. (٣) عند من علمه عما هو عليه من تحليل أو تحريم وقال القاضي عبدالوهاب المالكي : وحكم الحاكم ينفذ في الظاهر ولا يحيل الباطن عما هو عليه. (٤) (١) الا قناع في مساي ل الا جماع (٢/ ١٤٧) منح الجليل شرح مختصر خليل (٨/ ٣٥٥) (٢) الا جماع لابن المنذر (ص: ٦٥) (٣) المقدمات الممهدات /٢) (٢٦٦ (٤) التلقين /٢) (٢٠٩ ١٥١٥

29 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع واختلفوا في حكم الحاكم في ما له ظاهر جاي ز وباطن ممنوع بحيث لو اطلع الحاكم عليه لم يحكم بجوازه في العقود والنكاح والطلاق كالحكم بحل عصمة الن كاح أو عقدها بناء على بينة مزو رة أو الحكم بمضي عقد بيع ونحوه هل يرفع حكمه الخلاف في الظاهر فقط كالا موال أو في الظاهر والباطن إلى قولين : القول الا ول : أن اختصاص رفع حكم الحاكم للخلاف في الظاهر فقط إنما ذلك في الا ملاك المرسلة-أي المطلقة وهي التي لم يذكر فيها سبب معين- وأم ا حكمه في العقود والنكاح والطلاق بشهادة الزور فا نه ينفذ ظاهرا وباطن. وإلى هذا القول ذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية أبي الخطاب عنه (١) وأبو يوسف في قوله الا ول. (٢) القول الثاني : أن حكم الحاكم في ما له ظاهر جاي ز وباطن ممنوع في العقود والنكاح والطلاق كحكمه في الا موال لا يحيل الشيء عم ا عليه في الباطن من الح ل أو الحرمة فا ذا حكم القاضي بحل عصمة الن كاح أو عقدها بناء على بي نة مزو رة أو حكم بمضي عقد بيع ونحوه فا ن حكمه ينفذ ويرفع الخلاف في الظاهر فقط دون الباطن. وإلى هذا القول ذهب جمهور الفقهاء : المالكية (٣) والشافعية (٤) وأحمد في (١) المبدع شرح المقنع (١٠/ ٧٥) الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٤٦٦) وفي رواية ثالثة هي ابن أبي موسى عنه : أن حكم الحاكم يزيل العقود والفسوخ. الشرح الكبير على متن ١٥١٦ المقنع /١١) (٤٦٦ (٢) المبسوط للسرخسي (١٦/ ١٨٠) الغرة المنيفة في تحقيق بعض مساي ل الا مام أبي حنيفة (ص: ١٨٢) مجمع الا نهر في شرح ملتقى الا بحر (٢/ ١٧٠). (٣) الاستذكار /٧) (٩٦ المقدمات الممهدات /٢) (٢٦٦ التاج والا كليل لمختصر خليل /٨) (١٤٣. (٤) المهذب في فقه الا مام الشافعي للشيرازي (٣/ ٤٦٨) أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٣٠٥)

30 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية إحدى الروايات عنه وهي المشهورة من مذهبه (١), وهو قول الثوري والا وزاعي وإسحاق وأبو ثور وداود (٢) ومحمد بن الحسن من الحنفي ة وأبو يوسف في قوله (٣). الا خر الا دل ة : أو لا : أدل ة أصحاب القول الا ول : أولا : استدلوا على نفوذ القضاء في الا ملاك المرسلة في الظاهر فقط دون الباطن با دلة السن ة والمعقول : - ١ السن ة منها : ما روي عن علقمة بن واي ل عن أبيه قال: جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي صلى االله عليه وسلم فقال الحضرمي: يا رسول االله إن هذا قد غلبني على أرض لي كانت لا بي فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق فقال رسول االله صلى االله عليه وسلم للحضرمي: "ألك بينة" قال: لا قال: "فلك يمينه " قال: يا رسول االله إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه وليس يتورع من شيء فقال: "ليس لك منه إلا ذلك " فانطلق ليحلف فقال رسول االله صلى االله عليه وسلم لما أدبر: "أما لي ن حلف على ماله ليا كله ظلم ليلقين االله وهو عنه معرض" (٤). (١) المبدع شرح المقنع (١٠/ ٧٥) نيل المارب بشرح دليل الطالب (٢/ ٤٥٧) (٢) الاستذكار /٧) (٩٦ المقدمات الممهدات /٢) (٢٦٦. (٣) الاستذكار /٧) (٩٦ المقدمات الممهدات /٢) (٢٦٦ التاج والا كليل /٨) (١٤٣ المبسوط للسرخسي (١٨٠ /١٦) (٤) صحيح مسلم (١/ ١٢٣) كتاب الا يمان باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار حديث رقم. (١٣٩) ١٥١٧

31 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع وجه الدلالة : الحديث نص في عدم نفوذ القضاء باطن في الا ملاك المرسلة التي لا يعرف سبب الملك فيها وإن كان ينفذ فيها ظاهرا. (١) - ٢ المعقول منه : أن ه إن ما كان نفوذ الحكم في الا ملاك المرسلة في الظاهر دون الباطن لا نه لا يمكن تقديم شيء من أسباب الملك في القضاء لعدم أولوية بعضها على بعض ولا يمكن تقديم الكل للاستحالة بخلاف القضاء بالنكاح ونحوه لا ن طريقه متعين من الوجه فاختص الرفع للخلاف ظاهرا فقط بالا ملاك المرسلة دون (٢). غيرها ثاني : استدل وا على نفوذه ظاهرا وباطن في ما عدا الا ملاك المرسلة من العقود والن كاح والطلاق با دل ة السن ة والا ثر والمعقول : - ١ السن ة منها : ما روي عن سعيد بن جبير قال: سا لت ابن عمر-رضي االله عنهما- عن حديث المتلاعنين فقال: قال النبي صلى االله عليه وسلم للمتلاعنين: "حسابكما على االله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها" قال: مالي قال: "لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك". (٣) وجه الدلالة : أن النبي -صلى االله عليه وسلم- فر ق بين المتلاعنين ولو علم صدق (١) الغرة المنيفة في تحقيق بعض مساي ل الا مام أبي حنيفة (ص: ١٨٣) (٢) البناية شرح الهداية (٥/ ٦٩) (٣) صحيح البخاري (٧/ ٥٥) كتاب الطلاق باب قول الا مام للمتلاعنين: "إن أحدكما كاذب فهل منكما تاي ب" حديث رقم ٥٣١٢ صحيح مسلم (٢/ ١١٣١) كتاب الطلاق ٨ - باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل حديث رقم (١٤٩٣). ١٥١٨

32 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية المرأة لحد الزوج لها بقذفه إياها ولو علم أن الزوج صادق لحد المرأة للزنا ولم يفرق بينهما فلما خفي عليه الصادق منهما وجب حكم آخر وهو حرمة الفرج في الظاهر والباطن فلما ثبت هذا في المتلاعنين ثبت في كل قضاء بما ليس فيه تمليك مال أنه على الظاهر ولو كان الباطن بخلافه وأن حكم الحاكم يحدث في ذلك التحريم والتحليل بخلاف الا موال (١). - ٢ الا ثر منه : ما روي أن رجلا ادعى بين يدي علي رضي االله عنه بالنكاح فقالت المرأة : يا أمير المو منين ليس بيننا نكاح وإن كان لابد فزوجني منه فقال علي- رضي االله عنه-:"شاهداك زوجاك" (٢). وجه الدلالة :أن ه لم يجبها إلى إنشاء النكاح وأن ذلك منه رضي االله عنه-كان بمحضر من الصحابة من غير نكير فحل محل الا جماع (٣). - ٣ المعقول منه : - ١ أن ه إن ما جعل القضاء لقطع المنازعة بينهما من كل وجه فلو لم ينفذ باطن في هذه الحالة كان تمهيدا للمنازعة ثاني (٤). - أنه إذا لم ينفذ القضاء بالنكاح في الباطن تكون امرأة لواحد في الباطن وفي ٢ الظاهر لا خر وهو باطل. (٥) (١) فتح الباري لابن حجر (١٣/ ١٧٥) اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (٢/ ٥٨٤). (٢) الاختيار لتعليل المختار (٢/ ٨٩) الغرة المنيفة في تحقيق بعض مساي ل الا مام أبي حنيفة (ص: ١٨٢) (٣) الغرة المنيفة في تحقيق بعض مساي ل الا مام أبي حنيفة (ص: ١٨٢) (٤) البحر الراي ق شرح كنز الدقاي ق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٧/ ١٤) (٥) الغرة المنيفة في تحقيق بعض مساي ل الا مام أبي حنيفة (ص: ١٨٣) ١٥١٩

33 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع -٣ أن القاضي حكم بحج ة شرعية أمر االله بها وهي البينة العادلة في علمه ولم يكل ف بالاطلاع على صدقهم في باطن الا مر فا ذا حكم بشهادتهم فقد امتثل ما أمر به فلو قلنا لا ينفذ في باطن الا مر للزم إبطال ما وجب بالشرع لا ن صيانة الحكم عن الا بطال مطلوبة فهو بمنزلة القاضي في مسا لة اجتهادية على مجتهد لا يعتقد ذلك وأنه يجب عليه قبول ذلك وإن كان لا يعتقده صيانة للحكم ثاني : أدل ة أصحاب القول الثاني :. (١) استدل أصحاب هذا القول لما ذهبوا إليه با دل ة من الكتاب والسن ة والمعقول : ١ الكتاب منه : قوله تعالى و لا ت ا ك ل وا أ م و ال ك م ب ي ن ك م ب ال ب اط ل و ت د ل وا ب ه ا إ ل ى ال ح كام {البقرة: ١٨٨ }) وجه الدلالة : أن االله كان الا كل محتج سبحانه وتعالى- قد نهى عن أكل مال الغير بالباطل ولو في ذلك بحكم الحاكم فهو تنصيص على أن ه وإن قضى القاضي له بالشراء أو البيع بشهادة الزور فلا يحل له تناوله ويكون ذلك منه أكلا لا موال الن اس بالباطل (٢). ٢ والسن ة منها : ما روي عن أم سلمة رضي االله عنها: أن رسول االله صلى االله عليه وسلم قال: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فا قضي على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيي ا فلا يا خذه فا نما أقطع له قطعة من النار". (٣) (١) الاختيار لتعليل المختار (٢/ ٨٩) فتح الباري لابن حجر (١٧٦/١٣-١٧٧) ١٥٢٠ (٢) المبسوط للسرخسي /١٦) -١٨٠ (١٨١ (٣) صحيح البخاري (٩/ ٦٩) كتاب الا حكام باب موعظة الا مام للخصوم حديث رقم ٧١٦٨ صحيح مسلم (٣/ ١٣٣٧) كتاب الا قضية ٣ - باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة حديث رقم (١٧١٣) واللفظ للبخاري.

34 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية وجه الد لالة : وهو من وجوه : ١ أن الحديث دليل على إثم من خاصم في باطل حتى استحق به في الظاهر شيي هو في الباطن حرام عليه وأن من احتال لا مر باطل بوجه من وجوه الحيل حتى يصير حق في الظاهر ويحكم له به أنه لا يحل له تناوله في الباطن ولا يرتفع عنه الا ثم (١). بالحكم قال سحنون بعد ذكر الحديث : فا خبر عليه السلام أن الحاكم لا يحل للمحكوم له ما يعلم خلاف ظاهره كما لو علم الحاكم من ذلك ما علمه هذا ما حكم به (٢). ٢ أن الحديث ورد عام فيعم جميع الحقوق والعقود والنكاح والطلاق وغير ذلك فينبغي أن يكون الحكم في الباطن كهو عند االله تعالى (٣). أن ال نبي صلى االله عليه وسلم قد أخبر أن القضاء بما ليس للمدعي قضاء له بقطعة من النار ولو نفذ قضاؤه باطن لما كان القضاء به قضاء بقطعة من النار (٤). - ٣-٣ المعقول منه : - ١ أن القضاء إنما ينفذ بالحجة - وهي الشهادة الصادقة - وهذه كاذبة بيقين فلا ينفذ حقيقة ولهذا لم ينفذ إذا كانت المرأة محر مة بالعد ة أو الردة أو الرضاع أو القرابة أو المصاهرة كذا هذا (٥). (١) نيل الا وطار (٨/ ٣٢١) شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (٤/ ٤١٠) (٢) النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الا مهات (٨/ ٢٣٣) ١٥٢١ (٣) الاختيار لتعليل المختار (٢/ ٨٩) (٤) بداي ع الصناي ع في ترتيب الشراي ع (٧/ ١٥) (٥) بداي عالصناي ع في ترتيب الشراي ع (٧/ ١٥)

35 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع - أن قضاءه اعتمد سبب باطلا فلا ينفذ باطن كما إذا قضى بشهادة العبيد ٢ أو الكفار أو المحدودين في القذف. (١) أن ه إذا كانت تهمة الكذب تخرج الشهادة من أن تكون حجة للقضاء فحقيقة الكذب أولى ولا ن ما قضى به لا كون له فيكون قضاؤه باطلا كما لو قضى بنكاح منكوحة الغير لا نسان بشهادة الزور. (٢) - ٣-٤ أن القول بنفوذ القضاء باطن يفضي إلى بطلان العصمة في الا موال والضياع والعقار والنساء والعبيد فلا يكون هذا الحكم لاي ق لا حكام الشريعة (٣). المناقشة : ناقش أصحاب الا و ل استدلال أصحاب القول الثاني من السن ة بما يلي: - ١ أن الحديث الذي استدللتم به محمول على الا موال وهو ظاهر فيها جمع بينه وبين ما ذكرنا من الا حكام المروية عن رسول االله صلى االله عليه وسلم ونحن نقول بموجبه في الا ملاك المرسلة إذ الخلاف في العقود دونها (٤). - ٢ أن ظاهر الحديث يدل على أن ذلك مخصوص بما يتعلق بسماع كلام الخصم حيث لا بي نة هناك ولا يمين وليس النزاع فيه وإنما النزاع في الحكم المرت ب على الشهادة. (٥) (١) المبسوط للسرخسي /١٦) (١٨١ (٢) المبسوط للسرخسي /١٦) (١٨١ (٣) الغرة المنيفة في تحقيق بعض مساي ل الا مام أبي حنيفة (ص: ١٨٣) (٤) اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (٢/ ٥٨٥) الغرة المنيفة (ص: ١٨٣). (٥) نيل الا وطار /٨) (٣٢٢ فتح الباري لابن حجر /١٣) (١٧٥. ١٥٢٢

36 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية ٣ أن "من" في قوله صلى االله عليه وسلم "فمن قضيت له" شرطية وهي لا تستلزم الوقوع فيكون من فرض ما لم يقع وهو جاي ز في ما تعلق به غرض وهو هنا محتمل لا ن يكون للتهديد والزجر عن الا قدام على أخذ أموال الناس باللسن والا بلاغ في الخصومة وهو وإن جاز أن يستلزم عدم نفوذ الحكم باطن في العقود لكنه لم يسق لذلك فلا يكون فيه حجة لمن منع (١). - ٤ أن الاحتجاج بهذا الحديث يستلزم أنه صلى االله عليه وسلم يقر على الخطا لا نه لا يكون ما قضى به قطعة من النار إلا إذا استمر الخطا وإلا فمتى فرض أنه يطلع عليه فا نه يجب أن يبطل ذلك الحكم ويرد الحق لمستحقه وظاهر الحديث يخالف ذلك فا ما أن يسقط الاحتجاج به ويو ول على حمله على الا موال وإما أن يستلزم استمرار التقرير على الخطا وهو باطل الجواب :. (٢) أجاب أصحاب القول الثاني عن الاعتراض الا ول بما يلي : أن ها حقوق تدخل كلها تحت عموم قول النبي - ص لى االله ع ل ي ه و س لم -: " فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يا خذ منه شيي ا فا نما أقطع له قطعة من النار" ولم يخص حق ا منها دون حق فلا يحل منها القضاء الظاهر ما هو حرام في الباطن. (٣) وعن الاعتراض الثاني: با نه خلاف الظاهر إذا لا مخصص لما ذهبتم إليه من أن ه (١) نيل الا وطار /٨) (٣٢٢ فتح الباري لابن حجر /١٣) (١٧٥. (٢) نيل الا وطار /٨) (٣٢٢ فتح الباري لابن حجر /١٣) (١٧٥. (٣) المعلم بفواي د مسلم /٢) (٤٠٣ المقدمات /٢) (٢٦٦ شرح النووي على مسلم /١٢) (٦ الاستذكار. (٩٦ /٧) ١٥٢٣

37 العدد الثالث والثلاثون الجزء الرابع مخصوص بسماع كلام الخصم حيث لا بينة هناك ولا يمين. (١) وعن الاعتراض الثالث : با ن ه خلاف الظاهر أيض إذ الظاهر أن ذلك قد وقع " بالفعل (٢) فقد جاء في بعض روايات الحديث عن أم سلمة وفيه : فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي لا خي قال : فقال رسول االله صلى االله عليه وسلم: " أما إذ قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه" (٣). وعن الاعتراض الرابع : أن الخطا الذي لا يقر عليه هو الحكم الذي صدر عن اجتهاده في مالم يوح إليه فيه وليس النزاع فيه وإنما النزاع في الحكم الصادر منه بنا ء على شهادة زور أو يمين فاجرة فلا يسمى خطا للاتفاق على وجوب العمل بالشهادة وبالا يمان وإلا لكان الكثير من الا حكام يسمى خطا وعلى هذا فالحجة من الحديث ظاهرة في شمول الخبر الا موال والعقود. (٤) ١٥٢٤ (١) نيل الا وطار /٨) (٣٢٢. (٢) نيل الا وطار /٨) (٣٢٢. (٣) مسند أحمد ط الرسالة (٤٤/ ٣٠٨) حديث رقم ٢٦٧١٧ مصنف ابن أبي شيبة (٧/ ٢٣٣) حديث رقم ٢٣٤٢٨. وتمامه : عن أم سلمة قالت: جاء رجلان من الا نصار يختصمان إلى رسول االله صلى االله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة فقال رسول االله صلى االله عليه وسلم: " إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن بحجته أو قد قال: لحجته من بعض فا نما أقضي بينكم على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيي ا فلا يا خذه فا نما أقطع له قطعة من النار يا تي بها إسطاما في عنقه يوم القيامة ". فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي لا خي قال : فقال رسول االله صلى االله عليه وسلم: " أما إذ قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه ". (٤) نيل الا وطار /٨) (٣٢٢ فتح الباري لابن حجر /١٣) (١٧٥.

38 نفوذ حكم الحاكم في الظاهر والباطن والا ثر المترتب على ذلك دراسة فقهية ثاني : مناقشة القول الثاني: ناقش أصحاب القول الثاني استدلال أصحاب الا ول بحديث المتلاعنين با ن الفرقة في اللعان إنما وقعت عقوبة للعلم با ن أحدهما كاذب وهو أصل برأسه فلا يقاس (١) عليه. قلت : بل من الحنفي ة من اعترض على الاستدلال به. قال كمال الدين ابن الهم ام الحنفي: وأما الاستشهاد بتفريق المتلاعنين ينفذ باطن وإن كان أحدهما كاذب فليس بشيء. (٢) كما ناقشوا ما استدل به أصحاب القول الا و ل من أن القاضي حكم بحجة شرعية أمر االله بها وهي البينة العادلة...إلخ : با ن هذه الحجة للنفوذ ولهذا لا يا ثم القاضي وليس من ضرورة وجوب القضاء نفوذ القضاء حقيقة في باطن الا مر وإنما يجب صيانة القضاء عن الا بطال إذا صادف حجة صحيحة القول الراجح: بعد عرض أقوال الفقهاء وأدل تهم في المسا لة فا ن الذي تطمي ن إليه النفس هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وذلك لما يلي: ١ قوة الا دل ة التي استدلوا بها وجوابهم عن ما اعترض به المخالف ومناقشة ما استدل به.. (٣) (١) فتح الباري لابن حجر (١٣/ ١٧٥) (٢) فتح القدير للكمال ابن الهمام (٧/ ٣٠٧) (٣) فتح الباري لابن حجر (١٧٦/١٣-١٧٧) ١٥٢٥